آخر المقالات

Thursday, March 10, 2022

لحن الحياة



يعيش المرء دائما بين تقلبات أفكاره وقناعاته كل حسب مكانته وطريقة معالجته للأمور، وكذا مدى تأثير المنبهات الخارجية عليه.

فمع ازدياد العمر يزداد تشبع المرء بقناعاته أو العكس؛ كما يُحتمل أيضا التخلي عنها نهائيا وتبني أُخر، إن كان الفرد مشككا. وبعد وصوله لمرحلة البلوغ العقلي، يبدأ حياة التيه في دوامات القناعات الواهية التي لو دققنا في مسألتها لوجدنا أن الانسان دائما ما يدافع عنها فقط لاستفادته منها أو لقصر نظرته للأمور بشمولية.

في كل حين أرجع لأفكاري السالفة أجد نفسي كنت متغطرسا في اتخاذ الأمور بالعاطفة أو بمنطق الاستسلام؛ فمنطق الاستسلام في هذا السياق بالنسبة لي هو العيش منعزلا وجاهلا بالموقف المعارض ومحاولة الاقتصار فقط على آراء ممثلي نفس قناعاتك في المخالف.

أشمئز من نفسي كم كنت منغلقا؛ لا ألوم نفسي بقدر ما ألوم منهجنا التعليمي غير المتحرر وكذا منهج أسرنا في تلقين الأفكار دون أي مراعاة لمسألة الاختلاف، فبكل تلك الأفكار التي تربينا عليها نصبح أفرادا متشابهين في المواقف، بطبيعة الحال لا أعمم فكل حسب وضعيته لكن اتحدث هنا عن الغالبية.

مجموعة تلك الأفكار مع إضافة العادات والتقاليد هو ما يشكل ما يسمى بالأيديولوجية فهذه الأيديولوجية مع الأسف لا تنمي حسي الانتقاد والتشكيك فنحن نأخذ الامور التي تعلمناها على أنها يقينية دون أن ننتبه لهذه المسألة.

بمرور الوقت ومع تصادم المرء بمنبهات خارجية جديدة يتحصل على فرصة ذهبية فإما ان يستغلها ليتحرر من قيود الماضي وينفتح على أفكار معارضة ليكون قناعاته النابعة من إرادته الحرة، وإما يتجاهلها ليبقى مستسلما ومتهربا معظم حياته.

المهم يمكن أن نلخص ما سبق في كون أن الشخص مادام على قيد الحياة فعليه أن يبقى منفتحا على الآخر وقابلا لتغيير قناعاته في أي حين، مراعيا العقلانية في التفكير، والتجرد التام من العاطفة دون نسيان مسألة التخلي عن الأحكام المسبقة.


خالد برتاوش

No comments:

Post a Comment