آخر المقالات

Sunday, March 6, 2022

حول السعادة


إن مفهوم السعادة يوما بعد يوم يأخد معنى رأسماليا متوحشا، ساهم في تحول مفهومه؛ التصور الذي عشناه و نعايشه اقتصاديا. فلقد أصبحنا متشابهين في تحديد مفهوم السعادة حيث يذهب العديد منا إلى حصر هذا المصطلح الفلسفي العميق في علاقته بالمال، أي أن الغنى المادي هو السبيل للعيش سعيدا، كما ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بدورها في تكريس هذه الصورة عندنا، و ذلك بمتابعتنا لحياة المشاهير أو أولئك الذين ننعتهم اليوم بالمؤثرين الاجتماعيين، هؤلاء لم يقصروا في تسويق سعادتهم المرهونة بالغنى المادي، ما جعلنا نصاب أحيانا بيأس و حزن شديدين عند مقارنة وضعنا بحياتهم. حتى عندما تدعي أنك لا تقارن نفسك بهم؛ فتذكر دائما أن عقلك الباطني لا يشاورك في هذا الامر فهو يتصرف بغض النظر عن إرادتك، فتراكمات اللاوعي لدينا تؤثر في تصرفاتنا و حتى في نظرتنا للأشياء.فالأجدر و الأنسب أن يكون تعريف السعادة مختلفا من فرد لآخر فنحن لسنا متشابهين، نحن مختلفون في طريقة تفكيرنا و سلوكنا، فلماذا نصبح جميعا متفقين في تحديد السعادة ؟ الأصح أن تكون السعادة مرتبطة بكل فرد على حدة، كل حسب موقعه و تفكيره.

لقد أصبح الهدف من الحياة زيادة الإنتاج و بالضرورة زيادة الاستهلاك، هذا ما أمسينا نعيش من أجله، وليس من أجل الانسان. ما يفيد الإنسان لم تعد له قيمة؛ كل ما يحيط بنا يعتبر من مهلكات الفرد، نلاحظ ذلك في كمية الاعلانات المسخرة لهم. كل هذا جعل الشخص يهب حياته ليستهلك أكثر؛ ظنا منه و بطريقة لا واعية أن الاستهلاك الأكثر يجلب السعادة أكثر. حتى أننا صرنا نتظاهر بأننا سعداء و نرتدي قناع القناعة و الرضى، ولو أمام أنفسنا، لتجنب نعتنا بالفاشلين.


خالد برتاوش

No comments:

Post a Comment