آخر المقالات

Thursday, February 24, 2022

ذنب بلا رِداء‎‎



و قضى الإسلام أن الذنب ذنب ، مجرد تماما عن فاعله ، ينبغي النظر فيه دون النظر إلى صاحبه ، و لا يُفرق بين الناس فيه بين من ارتدى عباءة النبلاء أو جلباب المساكين ! 
أو بين من اصطفاه الله في الرحم ذكرا أو أنثى !
و أغلبنا قد سبق و سمع حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : { لو أنَّ فاطِمةَُ بنت محمد سرقتْ لقطعتُ يدَها } ، لكن ما قد غاب عنا - أو عن أغلبنا على الأقل - أن ما اشتهر هو آخر ما ورد في هذا الحديث فقط ، و للأمانة ما سقط عن معرفتنا من كلامه صلى الله عليه و سلم في الواقعة ، حَرِيٌّ به أن  يُدرس ! 
إذ في غزوة الفتح ، حدث أن سرقت امرأة من آل مخزوم ، فأتى قومها يستشفعون أسامة بن زيد ، فلما حدَّث هذا الآخير رسول الله صلى الله عليه و سلم ، تلون وجه رسول الله و قال : { أتكلِّمُني في حدٍّ من حدودِ الله ! } 
فقام رسول الله عشية ذاك اليوم في الناس خطيبا و قال : 
{ أمَّا بَعدُ، فإنَّما أهلَكَ النَّاس قبلَكم أنَّهم كانوا إذا سَرَقَ فيهِم الشَّريفُ تركوهُ، و إذا سَرَق فيهم الضَّعيفُ أقاموا عليهِ الحدَّ، والذي نفسُ محمدٍ بيده، لو أنَّ فاطِمةَُ بنت محمد سرقتْ لقطعتُ يدَها }
و مَن علِم مقام فاطمة في قلب رسول الله سيعلم كم كان موقفه صارما لا يَحيد عن الحق كان من كان ! 
هذا شرع الله و هذا حكم رسوله في أرضه ، فَ بالله عليك مَن أنت في وسيع مُلكه حتى تخلق شِرعة تخصك وحدك تنتقي متى ينبغي إحقاق الحق و متى ينبغي الإنفلات عنه !
من أنت حتى تُبيح ما لا يُباح بحجة أن : " ذاك رجل* و لا ضير ! " و " تلك أنثى ينبغي أن نقيم عليها الحد ! " 
مِن فرط جاهلية المجتمع أشك أحيانا أننا نحتاج فتحا إسلاميا جديدا ، حيث لا يتم وأد النساء - و قد لا يكون الوأد بمعناه الحرفي - و لا يتم اعتبار من كرمها الله عارا ، حيث يُقام العدل كما ينبغي الإسلام لا كما تنبغيه نفوس كل من سَوَّلت له نفسه أمراً ! 

*الأصح القول " ذكر " بدل " رجل " لأن كل من يبرر لهم المجتمع تصرفاتهم  بحكم أنهم " رجال " لا يعرفون للرجولة طريقا غير أن الفِكر  العامي مَن جعلهم كذلك ..

No comments:

Post a Comment