" إذا كنت في روما فافعل كما يفعل الرومانيون "
مَثل شهير قد يكون سبق و أن طرق مسمعك ، ظاهريا فهو في غاية الوضوح ، لكن مجازيا فالمثل أعلاه قد غادر روما ، بل غادر إيطاليا كاملة ، و سافر عبر القارات و البلدان ليصير ذو استعمال دَلالي في الحياة اليومية و مُجرياتها ..
بشكل ما صار التأقلم - واجبا - لا مع عادات اليونان فقط بل مع كل وسط ، و مجتمع و ظرف لا يناسبنا لكننا مجبرين كنا أو راغبين وَجدنا أنفسنا محاطين به !
هل صار هذا المثل إذاً فِرمان استسلام مزين و منمق بشكل أدبي مطرب للأذن ؟!
هل دلالته في الحياة اليومية هو إقرار بضرورة السير مع التيار !
التيار ! ذكرتني الكلمة بمقولة أخرى معاكسة تماما ..
إذ في رواية أخرى يقول مالكولم موغريدج: " لا تنْسَ أبدًا أن الأسماك الميتة هي التي تسبح مع التيار . "
لنقف حيارى ، هل ينبغي أن نتبع التيار أم نُنَاغشه كَسمكة سَلمون عنيدة ؟!
لو سألتني ، سأقول ، أن الإتباع بلا هُدى ضلال ، و فرط التحدي و المُعاكَسة بدون موجِب شرع أو مناسبة هو فَوْرَة طيش و حُمق !
و الحكيم من اهتدى إلى النقطة الفاصلة بينهما !
فليكن مَثلُنَا مثل السنبلة ..
إن الريح العاتية لا تنال من السنابل شيئا ، لأنها تُراقصها و تنحني لها عند الضرورة ، إذ لا يختلف عاقلان في أن محاولة الوقوف في وجهها صلبة عَصِيَّة هي محض انتحار ، و رغبة صريحة في الإنكسار !
تعرف السنابل جيدا ما لا نعرفه !
تعرف متى تقف شامخة لا تتنازل و متى تنحني للتيار كي لا ينال من أُنفَتِها شيئا !
وَ الحكيم مَن اهتدى .. و الحكيم مَن اهتدى !
No comments:
Post a Comment